علي بن أبي طالب - رضي الله عنه ][
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين،
سيدنا وحبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم -
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
أما بعد :
فحياكم الله وبياكم وجعل الفردوس الأعلى مثواي ومثواكم
كلمة لابد منها :-
نعتذر إليكم عن تأخرنا في طرح الموضوع، فالعذر والسموحة أحبتي
قد يقول البعض بأن الموضوع طويل
لكن صدقاً هذا قليل من كثير في سيرة أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه
اختصرنا فيها الكثير والكثير، ولو تكلمنا عنه باستفاضة لما كفتنا هذهـ الصفحات
نسأل الله أن يجعل جميع أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم
حديثنا اليوم عـــن عظيــم آخر من عظمــاء الإســلام أقضى الأمة بعد نبيها،
وأول فدائي في الإسلام، رجل يحب الله ورسوله ويُحبه الله ورسوله،وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة
منذ صغرهـ استقر الإسلام في قلبه، فكان أول من أسلم من الصبيان [ وهو ابن عشر سنين ]
ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم وصهرهـ على ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين
وأبو السبطين وهو أول هاشمي ولد بين هاشميين وأول خليفة من بني هاشم
يتحدث عن نفسه قائلا :-
محمد النبي أخـي وصهـــري .... وحمزة سيد الشهـداء عمـــي
وجعفر الذي يمسي ويضحي .... يطير مع الملائكة ابــن أمـــي
وبنـت محمد سكني وزوجـي .... مشوب لحمها بدمي ولحمــي
وسبطا أحمـــد ولــداي منهــا .... فمن منكم له سهم همـي
سبقتكـم إلـى الإسـلام طــرا .... غـلامـا مـا بلغــت أوان حلمـي
أظنكم عرفتموهـ، إنه أمير المؤمنين [ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه ]
إسمه ونسبه :-
علي بن أبي طالب [ عبد مناف ] بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كــلاب
بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الهاشمي .
ابن عم رسول الله - صلى الله عليه و سلم .
------------------------------------
وأم علي هي الصحابية الجليلة السيدة الفاضلة
فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصى الهاشمية .
كنيته ولقبه - رضي الله عنه:-
كنيته: أبو الحسن، نسبة إلى ابنه الأكبر الحسن
ويكنى أيضًا بأبى تراب، كنية كناهـ بها النبي - صلى الله عليه وسلم -
ومن كناهـ أيضاً : أبو الحسن والحسين، وأبو القاسم الهاشمي، وأبو السبطين .
------------------------------------
لقبه - رضي الله عنه :-
أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين
مولدهـ - رضي الله عنه :-
ولد قبل البعثة بعشر سنين .
إسلامه - رضي الله عنه :-
تربى في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنعم الله عليه بنعمة الإسلام
وهو ابن عشر سنين، فكان أول من أسلم من الصبيان - رضي الله عنه .
زوجاته - رضي الله عنه :-
1 - فاطمة - رضي الله عنها - ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
2 - أم البنين بنت حرام الكلبية .
3 - ليلي بنت مسعود بن خالد النهشلية التميمة .
4 - أسماء بنت عميس الخثعمية .
5 - أم حبيبة بنت ربيعة التغلبية .
6 - أمامة بنت أبي العاص وهي بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
7 - أم سعيد بنت عروةالثقفية .
8 - مخبئة بنت امرئ القيس بن عدي الكلبية.
وله من السراري الصهباء بنت ربيعة التغلبية من السبي
الذين أغار عليهم خالد بن الوليد بعين التمر، وخولة بنت جعفر الحنفية .
أبنائه - رضي الله عنه :-
الحسن والحسين وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى وقيل محسنا [ من زوجته فاطمة - رضي الله عنها ]
العباس وجعفر وعبد الله وعثمان [ من زوجته أم البنين بنت حرام ]
عبد الله وأبو بكر [ من زوجته ليلى بنت مسعود ]
محمداً الأصغر ويحيى وقيل عون [ من زوجته أسماء بنت عميس ]
عمر ورقية [ من زوجته أم حبيبة بنت ربيعة التغلبية ]
محمد الأوسط [ من زوجته أمامة بنت أبي العاص ]
أم الحسن ورملة [ من زوجته أم سعيد بنت عروة ]
جارية [ من مخبئة بنت امرئ القيس الكلبية ]
محمد المعروف بابن الحنفية [ خولة بنت جعفر الحنفية - من الإماء ]
وله بنات وبنون أخر رضي الله عنه وأرضاه،
وجميع أولاده لصلبه أربعة عشر ذكرا وسبع عشرة أنثى.
وكان النسل من ولد علي لخمسة فقط وهم الحسن والحسين،
ومحمد بن الحنفية والعباس وعمر بن التغلبية.
فضله - رضي الله عنه :-
من آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أول من أسلم من الصبيان، وأول فدائي في الإسلام،
شهد بدراً وأحدا وغيرها من المشاهد واستخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم -
على المدينة عند خروجه لغزوة تبوك .
منزلته من الرسول - صلى الله عليه وسلم - [ كمنزلة هارون من موسى ]
لم يعرف - رضي الله عنه - إلا عالماً فقيهاً زاهداً ورعاً تقياً، يضرب به المثل في زهده وورعه وتقواهـ
رضي الله عنه وأرضاهـ
أبا تراب :-
أحب الأسماء إلى سيدنا عليَّ - رضي الله عنه - كان يفرح إذا دُعي بها
لأن حبيبه - صلى الله عليه وسلم - هو من كناهـ بها
فمن حديث سهل بن سعدٍ قال : جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِى الْبَيْتِ فَقَالَ « أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ ».
فَقَالَتْ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ شَىْءٌ فَغَاضَبَنِى فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
لإِنْسَانٍ « انْظُرْ أَيْنَ هُوَ ». فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِى الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ.
فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ فَأَصَابَهُ تُرَابٌ
فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ « قُمْ أَبَا التُّرَابِ قُمْ أَبَا التُّرَابِ ».
فضائله - رضي الله عنه :-
لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء في على بن أبي طالب - رضي الله عنه
نذكر منها :-
1 - منزلته من الرسول - صلى الله عليه وسلم .
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - :« أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- خَلَّفَ عليَّ بنَ أبي طالب في غزوة تبوك ،
فقال : يا رسولَ الله، تُخَلِّفُني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكونَ مني بمنزلة هارون من موسى،
غيرَ أنه لا نبيَّ بعدي ) رواه البخاري ومسلم .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه - أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى كان تطييباً لخاطره
ورفعاً لما توهمه من انتقاص في حقه بتخليفه على النساء والصبيان،
فبين له - صلى الله عليه وسلم - أن ليس في الأمر انتقاص لحقك ولا تنزيل لقدرك وإن كنت استخلفتك على النساء والصبيان
لك في هارون – عليه السلام – أسوة إذ استخلفه موسى – عليه السلام – على قومه من بعده فلم يظن في ذلك انتقاصاً،
ولم يعد ذلك تنزيلاً من قدره، فطابت نفس علي – رضي الله عنه – لهذا البيان النبوي وسكنت نفسه .
2 - رجل يحب الله ورسوله، ويُحبه الله ورسوله .
عن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ « لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ
يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ». قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا - قَالَ - فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم- كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ « أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ ». فَقَالُوا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ
- قَالَ - فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ
فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ « انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ
ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ َيكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ».
* عن سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه -: قال كان علي – رضي الله عنه - قد تخلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في خيبر،
وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج علي فلحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم -
فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
( لأعطين الراية أو ليأخذن الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله، أو قال يحب الله ورسوله يفتح الله عليه،
فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراية ففتح الله عليه ) رواه البخاري
3 - اللهم هؤلاء أهلي .
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: لما نزلت هذه الآية { فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ..} (آل عمران:61)
دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليّا وفاطمة وحسناً وحُسيناً فقال: « ( اللهم هؤلاء أهلي ) أخرجه الترمذي .
فهذا الحديث يدل على أنه – رضي الله عنه – من أهله الخاصين وأقربائه الأدنين .
4 - أذكركم الله في أهل بيتي .
ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث يزيد بن حيان
[ ألا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ
أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ».
فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ « وَأَهْلُ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى ».
فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ
وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. قَالَ وَمَنْ هُمْ قَالَ هُمْ آلُ عَلِىٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ .
قَالَ كُلُّ هَؤُلاَءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ قَالَ نَعَمْ. ]
5 - دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - له :-
عن علي - رضي الله عنه - قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ،
فقلت : يا رسول الله ، تبعثني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء ؟
فضرب في صدري بيده ، وقال : اللهم اهدِ قلبه وثبت لسانه ".
قال : فوالذي فلق الحبة ما شككت بعدُ في قضاء بين اثنين .
6 - لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق .
عن زر - رضي الله عنه - قال: قال على: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة
إنه لعهد النبي الأمي - صلى الله عليه وسلم - إلىَّ:
" أن لا يحبنى إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق "
7 - النبي - صلى الله عليه وسلم - يخبر بأنه سيكون من الشهداء .
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على حراء،
هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد "
وغير ذلك من الأحاديث الواردة في فضله - رضي الله عنه - الكثير
في ميدان المعركة :-
منذ صغرهـ - رضي الله عنه - كان يعرف بالشجاعة والبطولة كيف لا وهو تربى في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم
فكان - رضي الله عنه - أول فدائي في الإسلام، وذلك حينما نام في فراش النبي - صلى الله عليه وسلم
مع علمه بأنه قد يقتل إذا نام مكان النبي ورغم ذلك كان ثابت ثبوت الجبال
فنام في فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الهجرة ثم لحق بهم بعد ذلك
شهد المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي غزوة تبوك
استخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة .
حمل اللواء في مواطن كثيرة، وله مواقف وبطولات في ميادين المعارك، تبرهن على أنه كان مقاتلاً صنديداً
لا يخشى الموت بل يسعى لأن يقتل في سبيل الله وينال شرف الشهادة في سبيله
وفي غزوة الأحزاب ينجلي هذا الموقف - فقد اقتحمت خيل المشركين ثغرة في الخندق وخرج علي في نفر من المسلمين
تعدو نحوهم، وكان عمرو بن عبد ود قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراح، فلم يشهد يوم أُحد،
فلما كان يوم الخندق خرج معلمًا لُيرَى مكانه فلما وقف هو وخيله قال: من يبارز؟
فبرز له على بن أبى طالب فقال له: يا عمرو، إنك قد كنت عاهدت الله ألا يدعوك رجل من قريش
إلى أحد خلتين إلا أخذتها منه، قال له: أجل، قال له على: فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام،
قال: لا حاجة لي بذلك، قال: فإني أدعوك إلى النّزل، فقال له: لِمَ يا ابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك،
قال له على: لكني والله أحب أن أقتلك، فحمى عمرو عند ذلك، فاقتحم عن فرسه، فعقرها، وضرب وجهه،
ثم أقبل على علىًّ، فتنازلا وتجاولا فقتله على رضي الله عنه، وخرجت خيلهم منهزمة،
حتى اقتحمت من الخندق هاربة .
وبعد مقتل عمرو بن عبد ود بعث المشركون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشترون جيفته بعشرة آلاف،
فقال: ادفعوا إليهم جيفتهم، فإنه خبيث الجيفة، خبيث الدية، فلم يقبل منهم شيئًا.
وغير ذلك من مواقفه البطولية الكثير والكثير ....
أعماله في عهد الخلفاء الراشدين :-
في عهد أبي بكر الصديق :
مبايعته - رضي الله عنه - للصديق
وردت أخبار كثيرة في شأن تأخر علي عن مبايعة الصديق، وكذا تأخر الزبير بن العوام، وجُلّ هذه الأخبار ليست بصحيحة،
وقد جاءت روايات صحيحة السند تفيد بأن عليًا والزبير - رضي الله عنهما - بايعا الصديق في أول الأمر، فعن أبى سعيد الخدري- رضي الله عنه - قال:
لما توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام خطباء الأنصار..فذكر بيعة السقيفة،
ثم قال: ثم انطلقوا فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليًا،
فسأل عنه، فقام أناس من الأنصار، فأتوا به، فقال أبو بكر: ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وختنه أردت أن تشق عصا المسلمين، فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
فبايعه، ثم لم ير الزبير بن العوام، فسأل عنه حتى جاءوا به،
فقال: ابن عمّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين،
فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسول الله فبايعاه
رجاله رجال الصحيح، قال بن كثير : هذا إسناد صحيح محفوظ
فإن على بن أبى طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات، ولم ينقطع عن صلاة من الصلوات خلفه
بل إنه - رضي الله عنه - يُقر بأفضلية الصديق والفاروق وتفضيلهم عليه
فعن محمد ابن الحنفية قال: قلت لأبى: أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: عمر، وخشيت أن يقول عثمان قلت: ثم أنت؟
قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين . [ البخاري ]
فقد كان علي - رضي الله عنه - خير عونٍ للصديق - رضي الله عنه - في حروب الردة و شئون الدولة
رضي الله عنهم أجمعين
في عهد الفاروق :-
كان سيدنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - المستشار الأول للفاروق - رضي الله عنه -
فقد كان عمر - رضي الله عنه - يعرف لأبا الحسن فضله وعلمه وفقهه وحكمته ومكانته
وكان رأيه فيه حسناً، فقد ثبت قوله فيه : وأقضانا علي
فكان يستشيرهـ في كافة أمور الدولة، في الأمور القضائية والمادية والإدارية .. وغيرها
وكان عمر يقول: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن
وكانت علاقة علي بالفاروق علاقة يسودها الحب والمودة، فكان الفاروق - رضي الله عنه
يُجل آل البيت ويعرف لهم مكانتهم وعلى رأسهم أبا الحسن - رضي الله عنه -
فقد كان من المقربين إلى الفاروق ... رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين .
في عهد عثمان : -
مبايعته - رضي الله عنه - لعثمان
لما صلى الناس صبح يوم البيعة، واجتمع رجال الشورى عند المنبر،فأرسل إلى من كان حاضرًا
من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر،
فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن بن عوف ثم قال: أما بعد، يا علي إني قد نظرت في أمر الناس،
فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعل على نفسك سبيلاً فقال [ أي عبد الرحمن لعثمان ] : أبايعك على سنة الله
ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون،
فكان علي بن أبي طالب أول من بايع بعد عبد الرحمن بن عوف .
فأجمعوا الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - على خلافة عثمان بن عفان وكان على رأس المبايعين
سيدنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه وأرضاهـ .
* كان علي يقيم الحدود في عهد عثمان - رضي الله عنهما - فكان علي قريباً من عثمان ومعيناً له على طاعة الله .
* كان عثمان بن عفان يستشير علي بن أبي طالب وكبار الصحابة في شئون الدولة وأخذ رأيهم والعمل بمشورتهم
* تأييد علي لعثمان - رضي الله عنهما - في جمع الناس على مصحف واحد
وكان على - رضي الله عنه - ينهي من يعيب على عثمان - رضي الله عنه - بذلك
ويقول: يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان، ولا تقولوا له إلا خيرًا، فوالله ما فعل الذي فعل- أي في المصاحف -
إلا عن ملأ منا جميعًا؛ أي الصحابة..والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل .
فكانت طريقة علي - رضي الله عنه - المعهودة في عهد من سبوقه بالخلافة هي السمع والطاعة والنصح
والإدلاء بالمشورة، وقد عبر بنفسه عن مدى طاعته للخليفة عثمان والتزام أمره ولو كان شاقًا
بقوله - رضي الله عنه - : لو سيرني عثمان إلى صرار لسمعت وأطعت .
من أقواله - رضي الله عنه :-
* الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق،
يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق .
* ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، ويعظم حلمك،
وأن تباهى الناس بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله،
ولا خير في الدنيا إلا أحد رجلين، رجل أذنب ذنبًا فهو تدارك ذلك بتوبة،
أو رجل يسارع في الخيرات، ولا يقل عمل في تقوى، وكيف يقل ما يتقبل؟ .
* كفى بالعلم شرفًا أن يدعيه من لا يحسنه ويفرح به إذا نُسب إليه،
وكفى بالجهل ضعة أن يتبرأ منه من هو فيه ويغضب إذا نُسب إليه .
* من حق العالم أن لا تكثر عليه بالسؤال، ولا تعنته بالجواب، ولا تلح عليه إذا ل،
ولا تأخذ بثوبه إذا نهض، ولا تفشين له سرًا، ولا تغتابن عنده أحدًا، ولا تطلبن عثرته،
وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره وتعظمه لله ما دام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه،
وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته .
خلافته - رضي الله عنه :-
بعد استشهاد عثمان - رضي الله عنه - تمت بيعة علي - رضي الله عنه - بطريقة الإختيار عام 35 هـ
قام كل من بقى بالمدينة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمبايعة على رضي الله عنه بالخلافة،
وذلك لأنه لم يكن أحد أفضل منه على الإطلاق في ذلك الوقت،
فلم يدع الإمامة لنفسه أحد بعد عثمان - رضي الله عنه - ولم يكن أبا الحسن - رضي الله عنه - حريصًا عليها،
ولذلك لم يقبلها إلا بعد إلحاح شديد ممن بقى من الصحابة بالمدينة، وخوفًا من ازدياد الفتن وانتشارها .
رضي الله عنه وأرضاهـ
موقعة الجمل :-
علمت السيدة عائشة - رضي الله عنها - بمقتل عثمان - رضي الله عنه - وذلك أثناء عودتها إلى المدينة بعد أدائها للعمرة عام 36 هـ في شهر محرم
فعادت ثانية إلى مكة ولحق بها الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وطالبوا الخليفة بالثأر والقصاص لدم عثمان
وكان رأي سيدنا علي عدم التسرع في هذا الأمر والإنتظار حتى تهدأ النفوس وتستقر الأمور داخل الدولة الإسلامية
فلم يوافقوا على ذلك وتوجهوا إلى البصرة مع أتباعهم، فخرج ورائهم أمير المؤمنين على أمل أن يدرك السيدة عائشة ويعيدها إلى مكة فلم يلحق بها
فعسكر بقواته قرب البصرة في منطقة تدعى [ ذي قار ] ولم تفلح محاولات التفاهم بين الطرفين
ونشب القتال بينهم وبذلك بدأت موقعة الجمل، وانتهت بإنتصار قوات الخليفة
وقد أحسن علي -رضي الله عنه- استقبال السيدة عائشة وأعادها الى المدينة المنورة معززة مكرمة ،بعد أن جهزها بكل ما تحتاج اليه .
وسميت موقعة الجمل بهذا الإسم نسبة الى الجمل الذي كانت تركبه السيدة عائشة - رضي الله عنها - خلال الموقعة
موقعة صفين :-
بعد أن تولى علي - رضي الله عنه - الخلافة قرر أن يعزل معاوية عن ولاية الشام فرفض معاوية ذلك،
وامتنع أيضاً عن مبايعته لعلي وطلب تسليم قتلة عثمان إليه ليقوم بإقامة الحد عليهم
فأرسل علي إلى أهل الشام يدعوهم إلى مبايعته وحقن دماء المسلمين، ولكنهم رفضوا ذلك،
فقرر المسير إليهم بقواته ليحملهم على الطاعة وعدم الخروج على جماعة المسلمين،
والتقت القوات بالقرب من الضفة الغربية من نهر الفرات عند [ صفين ]، وبدأ بينهما القتال غرة شهر صفر عام 37 هـ
وحينما رأى معاوية أن المعركة تسير تجاه علي وجنده أمر جيشه فرفعوا المصاحف على ألسنة الرماح،
وأدرك علي - رضي الله عنه - هذهـ الخدعة وأمر جنوده بأن يستمروا في القتال
لكن فريقا من رجاله ، اضطروه للموافقة على وقف القتال وقبول التحكيم ، بينما رفضه فريق آخر
وفي شهر رمضان من نفس العام اجتمع عمرو بن العاص ممثلاً عن معاوية وأهل الشام ، وأبو موسى الأشعري عن علي وأهل العراق ،
واتفقا على أن يتدارسا الأمر ويعودا للاجتماع في شهر رمضان من نفس العام ،
وعادت قوات الطرفين الى دمشق والكوفة ،
فلما حان الموعد المتفق عليه اجتمعا ثانية ، وكانت نتيجة التحكيم في صالح معاوية .
الخوارج ومعركة النهروان :-
أعلن فريق من جند علي رفضهم للتحكيم بعد أن اجبروا عليا - رضي الله عنه - على قبوله ، وخرجوا على طاعته ، فعرفوا لذلك باسم الخوارج ،
وكان عددهم آنذاك حوالي اثني عشر ألفا ، حاربهم الخليفة وهزمهم في معركة [ النهروان ] عام 38 هـ ، وقضى على معظمهم ،
ولكن تمكن بعضهم من النجاة والهرب .
وأصبحوا منذ ذلك الحين مصدر كثير من القلاقل في الدولة الاسلامية .
استشهادهـ - رضي الله عنه :-
لقد تركت معركة النهروان في نفوس الخوارج جرحا غائراً لم تزده الأيام والليالي إلا إيلاماً وحسرةً،
فاتفق نفر منهم على أن يفتكوا بعلي - رضي الله عنه -، ويثأروا لمن قتل من إخوانهم في النهروان
فاجمعوا على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص، وحددوا لذلك ثلاثة يقتلونهم في ليلة واحدة
وكان عبد الرحمن بن ملجم مكلف بقتل علي - رضي الله عنه - ونجح في ذلك
إذ تمكن من طعن علي - رضي الله عنه - بالسيف وهو خارج لصلاة الفجر في رمضان عام أربعين من الهجرة
واستشهد - رضي الله عنه وأرضاهـ - ودفن بالكوفة عند مسجد الجماعة في الرحبة مما يلي أبواب كندة.