وقفنا على شاطّى ء البحر ..
نهمس له بصمت مؤلم تحت ضو ء القمر ..
ونشكو حال أرواح ٍ وقلوب ٍ فرّقتها قسوة الدّنياوهمومها ..
نصرخ في موجه الهادء جدا ً كما الهدوء الذي يسكننا ..
نسأله عن أحباب فقدناهم منذ زمن.
بعد أن تغلغلوا في أرواحنا وقلوبنا ..
ونُتمتم له بحزنٍ مُتعبين وكأنّ جبال تعتلي ظهورنا ..
ما بال إخوة كانوا لنا روحاً بروح ..
متعطّشين لرؤياهم، لم نجدهم، وكأنّهم أصبحوا في عالم النّسيان،
نبحث عنهم فلم نجد إلاّ ذكريات غرقت في عواصف الموج الهادر ..
يكسوها غُبار الأيّام الطويلة،
بكينا حالها والحزن يجتاح عواطفنا وثواني عمرنا،
على طبقات الدّرن التي غطّتها، فلم يعُد لها أيّ ملامح، فذرفنا دموعنا بحسرةٍ وألم ..
على أيّامٍ وليالي بنيناها مِنْ عَدَمْ ..
فلا شيء يُشبه الذي انْعدمْ..
ولا بارك الله في قوم ضاعت فيهم ذكرياتهم ..
وأصبحت لغة النّسيان واللاّمبالاة ماء حياتهم ..
فإنْ نحن نسينا ماضينا ..
فلنقرأ الفاتحة مرات ومرات على ما تبقّى مِن حاضرنا ..
ولنسبح في دموع بكائنا على أيّامنا وليالينا ..
ولنُضمّد جراح ذكرياتنا ونُداوي كلّ مآسينا .
وقفنا على شاطّى ء البحر ..
نشكو له غياب ذكريات قد عشناها ..
وما عاد لحاضرنا وجودٌ فيها ..
وتاهت في حياتنا أصالة الإخوّة وحقيقتها ..
ولا ندري هل نحن الذين هجرنا حكاياتنا الجميلة.؟ ..
أم أنّ الدّنيا تغلغلت فينا وأنستنا ليالٍ وأيام أصيلة.؟..
أم أنّه الخداع اللّغويّ والاستخفاف بالمشاعر والأحاسيس ..
حتى بات يُخيّل إلينا أنّنا خُلقنا مِن الإسمنت المسلح لا روح فينا، ولا ذوق، ولا ماضٍ..
وكيف لنا أن نفهم أو نتخيّل إخوّة حقيقية وهي تعيش بلا معنى ولا قداسة ..
أم هي التّسلية التي بمقدورها أن تصنع بُقعة مُقدسة
وتُلوّث ما حولها.؟
وهل سنهبط إليها في زحمة الحواجز والرسميّات عبر البراق،
ومن هنا نعرج إلى إخوّتنا بمشاعر جيّاشة وجديدة.!
أم أن عيوناً وقلوباً فاقدة للبصيرة،
ومليئة بالحسد قد أصابتنا فنالت مِِن محبتنا، وما نالت إلا الخيبة والقطيعة.؟..
فيا سورة الحبّ والعشق تمتمي بآيات الصّدّ، فلنْ ينالوا مِنّا بشيء،
فنحن على أملٍ أنْ تعود كلّ الليالي الجميلة ..
غابت كلّ الرّوائع التي امتزجت فينا وكل ثواني العمر ..
وأصبحنا نبكي عليها دون أنْ نرى دموعنا ..
فقد حجبتها مِنَ الانفجار عشق الأرواح وتلاقيها، حيث أنّها متأصلة فينا ولا تُنسى ..
غابت عنّا حلاوة الإيمان التي تشربناها وعشناها في لحظات كان الجميع ينظر إليها بريبة وحساسية ..
فأصابوها في مقتلٍ..
دون أنْ نرى دماً، فالقلوب التي أحبّت وما زالت،
لا تنزف إلاّ عشقاً وصدقاً ووردة بَنَفْسَجِيّة ..
فيا سَحَرَ الليالي،
عودي ..
واتلوا آيات الحبّ،
ففي أكنافكِ ربّ الكون يُبصر أرواح العباد،
وهم يُناجونه خوفاً وطمعاً ألاّ يسقطوا مِن عينه،
فينادي برفق وحنان..
أن يا عبادي، إنّي لا أنْظر إلى صوركم ولا أجسادكم، ولكنْ أنْظر إلى طهارة قلوبكم وصدقكم،
إلى أرواحكم ومحبتكم،.
فهما سعادتكم، وبهما أغفر الذّنوب جميعها
ولا أبالي ..